الرقابة وضبط الجودة في تنفيذ المشروعات يوقف الخسائر غير المبررة
- mfazarabia
- 15 أغسطس 2016
- 3 دقيقة قراءة
لم يعد الأمر يثير الغرابة حينما يخلص مقاول من تعبيد طريق في طرف الحارة، ليهبط الطريق أو جزء منه خلال فترة وجيزة، الأمر الذي يتوجب حضور مقاول آخر ليصلح ذلك الهبوط أو تلك التشققات بتكلفة أخرى تضاف إلى تكلفة ذلك المشروع الأساسية، لكن حضور مقاولي الخدمات الآخرين بُعيد انتهاء الأعمال في الطريق ليشقوا جبينه من جديد لتمديد خدماتهم أمر يثير الأسئلة المشروعة حول غيابهم قبل تعبيد الطريق تفادياً للتشوهات التي يحدثها أولئك المقاولون والتي تُحيل الطريق الجديد إلى طريق مشوه ملئ بالحفر والمطبات
وتبرز أهمية ضبط الجودة في تنفيذ المشاريع في ظل تراجع مداخيل البلاد، وأهمية التقيد بالتنفيذ المهني الرشيد الذي يبقي تلك المشاريع منجزاً حقيقياً يضيف قيمة ملموسة للعملية التنموية، ويوقف الهدر المالي الكبير الذي يحدثه غياب الرقابة والمتابعة لتنفيذ المشاريع المختلفة في أرجاء البلاد، والمتمثل في تكلفة غير مبررة لمعالجة الأخطاء والقصور في التنفيذ الأساسي، والذي قد يماثل تكلفة إنشائها أول مرة
م. سعود الأحمدي - نائب رئيس مجلس الهيئة السعودية للمهندسين السعوديين سابقاً – أن غياب كود البناء وكادر المهندسين أسهما في تدني الرقابة على تنفيذ المشاريع في البلاد، مشيراً إلى أنه ليس من المعلوم بعد سبب عدم تطبيق كود البناء في هذه المرحلة على الرغم من جاهزيته، خاصة وأنه جاهز للتفعيل بعد سنين بلت فيها وزارة الشؤون البلدية والقروية جهوداً كبيرة لإنجازه، مؤكداً أن كود البناء يتضمن مواصفات عالمية يجب التقيد بها واتباعها عند تنفيذ المشاريع، بما يضمن الجودة المطلوبة، ويقلل من فرص ظهور العيب بتلك المشاريع، مشيراً إلى أن كود البناء السعودي يوائم بين المعاير والمواصفات العالمية وبين طبيعة البيئة في المملكة، الأمر الذي سينعكس ايجابياً على جودة المشاريع وتخفيض تكلفتها عند تطبيقه
وقال إنه عند تسليم كود البناء لهيئة المهندسين فإنها سوف تجبر المكاتب الهندسية على تطبيق الكود عند تصميم المشاريع المختلفة، الأمر الذي سيترك أثراً ايجابياً على جودة المشاريع
وأكد أن عدم صدور كادر المهندسين يعد سبباً آخراً لتعثر ورداءة الجودة في المشاريع الحكومية، مبيناً أن صدور الكادر وتطبيقه سيحدث تطوراً كبيراً في أداء الإشراف والمتابعة والتمكن من خلال رفع كفاءة المهندسين في القطاع الحكومي، مما سيقلل من ضعف كفاءة التنفيذ في المشاريع الحكومية
وبين الأحمدي أن عدم القدرة على ضبط الجودة في تنفيذ المشاريع الحكومية يمثل هدراً مالياً كبيراً يقل كاهل الإنفاق الحكومي، ويهدر كثيراً من المقدرات الوطنية التي تمثل حاجة ملحة لإنفاقها في مشاريع أخرى، مشيراً إلى أن الجهات الحكومية غير قادرة على السيطرة والرقابة والمتابعة على كل المشاريع نتيجة ضعف الكادر الهندسي للمهندسين العاملين في القطاعات الحكومية
وشدد على أهمية السيطرة على متابعة كفاءة الإنجاز في وجودة التنفيذ في المشاريع الحكومية، مبيناً أن تكلفة معالجة العيوب لتي تظهر بعد استلام المشروع تماثل تكلفة الأساسية أحياناً، أو تبلغ على أقل تقدير 50% منها، الأمر الذي يرفع تكلفة تلك المشاريع بشكل رجعي
وطالب المهندس الأحمدي بمزيد من التنسيق بين الجهات الخدمية المختلفة لتجنب تأثير تنفيذ بعض مشاريع الخدمات على بعضها الآخر، مؤكداً أن تنفيذ طريق مثلاً قبل التنسيق من الجهات الخدمية الأخرى التي يمكن أن تقوم بحفر وتمديدات لإيصال خدماتها يرفع من تكلفة ذلك الطريق، ويهدر وقتاً يحرم المواطنين من استخدام ذلك الطريق بين فترة وأخرى بالنظر إلى الحفريات المتكررة
الجدير بالذكر أن غياب الرقابة والصرامة على المقاولين قد خلف مشاريع متعثرة منذ مرحلة ما قبل الطفرة الأخيرة، حيث أظهرت نتائج دراسة سابقة لكشف الصعوبات والمشاكل التي تواجه مشاريع البنية التحتية بالمملكة أن تجاوز الوقت والتكاليف كانا سببين رئيسيين وراء تأخير 850 مشروع بنية تحتية من أصل 1035 بين عام 1992م و2009م، ومن بين المشاريع التي تم إنجازها خلال الفترة المذكورة فقد شهد 41% منها تجاوزاً في التكلفة و82% منها تجاوز وقت التسليم المحدد للمشروعات، فيما خلفت الطفرة الأخيرة مشاريع متعثرة بلغت أرقاماً كبيرة
فقد تباينت الأرقام الإحصائية للمشاريع المتعثرة في المملكة، فقد ذكرت هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» أن نسبة التعثر حسب رصدها بلغت 44 في المئة، فيما أشارت «الشؤون البلدية» إلى أنها بلغت 33 في المئة، وكان تقرير تقرير لـ«نزاهة» أكد بأن عدد المشاريع التي تمت متابعتها منذ إنشائها 1526 مشروعاً بلغت نسبة المتعثر والمتأخر منها 672 مشروعاً، لكن تقارير صحفية أشارت في وقت لاحق إلى أن عدد المشاريع الحكومية المتعثرة يبلغ نحو 670 مشروعاً، بقيمة إجمالية تفوق تريليون ريال
(صحيفة الرياض)
تعليقات